..وجهاً أفتقده
بعد كل هذه السنوات لا أعرف لماذا قفزت صورتها الى عينىَّ حين جافانى النوم فى الليلة الفائتة ، رغم ضبابية المشهد لازلت أذكر ملامح وجهها : التقاطيع "المسمسمة" و تلك السمرة الطيبة المحبوبة المميزة لأقاصى الجنوب المصرى ، لا أعرف لماذا حين أتذكر وجهها دائماَ ما أرى فى خلفية الصورة صفحة النيل و أضواء دار الأوبرامن وراءه و يحيطنى صوت "منير" مغنياً كلمات صلاح جاهين الرقيقة "يا بنت يا أم المريلة كحلى".
لم أرها منذ إثنين و عشرين عاماَ ، و بالتحديد حين كنت طفلاً فى السابعة من عمره فى (تالتة تانى) فى أحد المدارس الإنجيلية بالقاهرة ، و كانت هى كما أظن فى بدايات العشرينيات من عمرها ، لا أذكر هل كنت أعرف إسمها كاملاً أم لا ، أذكر الآن فقط إنها "ميس منى" المُدرسة المسئولة عن فصلى الذى كنت أجلس فى (أول دكة) من صفه الأوسط – ربما لقصرى – دائماً قريباً منها متابعاً لها.
لا أذكر شيئاً تقريباً مما تعلمته منها فى تلك السن الصغيرة ، كل ما أذكره هو هذا الحب الذى يعطى كثيراً رغم فروق أفهمها الآن فى اللون و الجنس و الدين ، و يملأ هذا الحب دنيتى الصغيرة فى المدرسة التى لم أكن أحبها كثيراً دفئاً لا أعرف مصدره . أستطيع الآن بعد كل هذه السنوات أن أفسر- ربما متخيلاً- لماذا أحببتها كثيراً حينذاك فالطفل الصغير ليس لديه أسباب لتفسير الحب – قد يكون الطفل داخلنا فقط هو من يفهم الحب حقاً- ، أعرف الآن أنها كانت صاحبة قلب تراه بلون و رائحة الفل وفى عينيها "ننى فيه حنان الأم" ، حين كبرت قليلاً و تركت هى المدرسة و حين تأتى إحتفالات الأم المثالية فى عيد الأم فى التلفزيون كل عام كنت أنتظر أن أراها ، لا أظنها كانت أماً حينذاك ، و لكنها أرتبطت دائماً فى ذهنى باللون الأسمر و القلب الأبيض وإحتفالات الأم المثالية ، أذكر إندهاشى و فرحتى و زهوى الشديد حين عدت للمنزل ليخبرنا جيراننا إنها أتت لتزورنى لتغيبى عن المدرسة أياماً لم تكن تعرف فيها إننى مصاب بـ "الجديرى المائى".
يبدو أن من يهبنا حباً فى سنوات البراءة حين يكون وعينا و فهمنا للحب نقياً بريئاً صادقاً حقيقياً يبقى دائماً ممتلكاً ركناً ما فى قلوبنا رغم بعد الصورة و الزمن.
فكرت الان أن أبعث لها رسالة ربما كما يضع البعض رسالة فى زجاجة و يلقيها فى البحر ، من يدرى ربما تكون هى صاحبة واحدة من هذه الألاف من الزيارات لهذه الصفحة ، أتمنى إنها ماتزال تذكر ذلك الطفل الصغير الذى أعطته يوماً ما حباً و إهتماماً و حناناً و حماية مازال الآن و هو فى عامه الثلاثين يذكرهم ويذكرها..
سيدتى و أستاذتى الجميلة "ميس منى" : أرسل لك كل حبى و إحترامى و إشتياقى و شكرى لدفء صنعتيه و عرفانى لنبتة محبة صغيرة غرستيها يوماً فى قلبٍ صغير ، أتمنى إن كانت الحياة كريمة معه و سمحت أن ترى يوماً ما ساهمت فى إنباته أن تحبيه كما أحببتيه صغيراً ...
لم أرها منذ إثنين و عشرين عاماَ ، و بالتحديد حين كنت طفلاً فى السابعة من عمره فى (تالتة تانى) فى أحد المدارس الإنجيلية بالقاهرة ، و كانت هى كما أظن فى بدايات العشرينيات من عمرها ، لا أذكر هل كنت أعرف إسمها كاملاً أم لا ، أذكر الآن فقط إنها "ميس منى" المُدرسة المسئولة عن فصلى الذى كنت أجلس فى (أول دكة) من صفه الأوسط – ربما لقصرى – دائماً قريباً منها متابعاً لها.
لا أذكر شيئاً تقريباً مما تعلمته منها فى تلك السن الصغيرة ، كل ما أذكره هو هذا الحب الذى يعطى كثيراً رغم فروق أفهمها الآن فى اللون و الجنس و الدين ، و يملأ هذا الحب دنيتى الصغيرة فى المدرسة التى لم أكن أحبها كثيراً دفئاً لا أعرف مصدره . أستطيع الآن بعد كل هذه السنوات أن أفسر- ربما متخيلاً- لماذا أحببتها كثيراً حينذاك فالطفل الصغير ليس لديه أسباب لتفسير الحب – قد يكون الطفل داخلنا فقط هو من يفهم الحب حقاً- ، أعرف الآن أنها كانت صاحبة قلب تراه بلون و رائحة الفل وفى عينيها "ننى فيه حنان الأم" ، حين كبرت قليلاً و تركت هى المدرسة و حين تأتى إحتفالات الأم المثالية فى عيد الأم فى التلفزيون كل عام كنت أنتظر أن أراها ، لا أظنها كانت أماً حينذاك ، و لكنها أرتبطت دائماً فى ذهنى باللون الأسمر و القلب الأبيض وإحتفالات الأم المثالية ، أذكر إندهاشى و فرحتى و زهوى الشديد حين عدت للمنزل ليخبرنا جيراننا إنها أتت لتزورنى لتغيبى عن المدرسة أياماً لم تكن تعرف فيها إننى مصاب بـ "الجديرى المائى".
يبدو أن من يهبنا حباً فى سنوات البراءة حين يكون وعينا و فهمنا للحب نقياً بريئاً صادقاً حقيقياً يبقى دائماً ممتلكاً ركناً ما فى قلوبنا رغم بعد الصورة و الزمن.
فكرت الان أن أبعث لها رسالة ربما كما يضع البعض رسالة فى زجاجة و يلقيها فى البحر ، من يدرى ربما تكون هى صاحبة واحدة من هذه الألاف من الزيارات لهذه الصفحة ، أتمنى إنها ماتزال تذكر ذلك الطفل الصغير الذى أعطته يوماً ما حباً و إهتماماً و حناناً و حماية مازال الآن و هو فى عامه الثلاثين يذكرهم ويذكرها..
سيدتى و أستاذتى الجميلة "ميس منى" : أرسل لك كل حبى و إحترامى و إشتياقى و شكرى لدفء صنعتيه و عرفانى لنبتة محبة صغيرة غرستيها يوماً فى قلبٍ صغير ، أتمنى إن كانت الحياة كريمة معه و سمحت أن ترى يوماً ما ساهمت فى إنباته أن تحبيه كما أحببتيه صغيراً ...
سيدتى الجليلة ...أشكركِ
16 Comments:
جميل ورائع .. الشعور بقيمة الناس بعض الناس في حياتنا يمدنا بالطاقة الإيجابية لصنع الخير في نفس ناس تانية حوالينا ويشعروا بقيمتنا في حياتهم برضة
كلامك وذكرياتك الجميلة فكرتني بحكاية حصلت معايا .. بعد تلاتين سنة قابلت مدرس العلوم أيام الإعدادي قابلتة في الترام وكان معايا زوجتي وأولادي الصغار ، كان اسمه الأستاذ لطفي كان مسيحي ولم يخطر في بالي يوماً أن لا يكتفي أستاذ لطفي بتعليمي أنا فقط بل أضاف بدون قصد قيم جميلة سيظل أبنائي يذكرونها أيضا وذلك عندما رأيته وقفت وذهبت إليه وقبلت يده وسط دهشته ودهشه الجميع وفكرته بنفسي وتظاهر من طيبته أنه يتذكر
المهم في الموقف أن أولادي سألوتي مين يا بابا قلت لهم الحكاية قامو هما كمان سلموا علي مدرس ابوهم بفرحة كبيرة وتعلموا في درس عملي كيف يكون الفضل للمعلم وحتي الأن يذكرون هذا وأعتقد أنهم سيفعلون نفس الشئ
تحياتي لك ولذكرياتك الجميلة
زبادى : حكايتك أيضاَ جميلة ، هل نستطيع أن نقبل أيادى من أعطونا من أنفسهم يوماً ما؟؟
أشكرك و نورت المدونة
قلب تراه بلون و رائحة الفل وفى عينيها "ننى فيه حنان الأم"
كلام جميل أوى
إيمان : أشكرك ،" ننى فيه حنان الأم" من كلمات صلاح جاهين فى غنوة يا بنت يا أم المريلة كحلى ، الأهم أن الكلام الحلو كان شخص حقيقى و ده اللى كان أحلى
..نورتينى
ياااه شعور جميل ورائع أن هناك في هذا الوطن من يزال يتذكر شخصاً أعطاه ولو كلمة وعلمه ولو حرف
شعورك نبيل يكاد يضيء في هذا العالم الكئيب
..حائر : أشكرك
واحد من مصر
لن احيي وفاءك بل ساحيي الطفل بداخلك
هذا الطفل الذي لا يحسب ماذا يعطي و ماذا يأخذ انه يحب او يكره و هنا ينتهي الموضوع معه
يظن الكبار انهم اذا اعطوا هدايا للاطفال سيحبونهم اكثر , لا الطفل لا يحسب و يبقى كذلك لفترة طويلة قبل ان يبوظ المجتمع قلبه الصغير
تحياتي
العزيزة رات: الطفل الذى أحبه كثيراً يشكرك كثيراً من القلب ، فقد عاقبه قبلاً بعض من أحبهم فقط لأنه مارس طفولته بإنطلاقها و نزقها و لكن أيضاً بصدقها و برائتها .....أشكرك
حرام عليك 00 وجهاًً؟ ومشكلها يا ريتك كنت سكنت تسلم !!!يا أخي العزيز المبتدأ دائما مرفوووع 00 رفقا باللغة اللتي هي في خطر وأرجوك تقبل غيرتي على اللغة وماتزعلش 00لأن المعني كده بيختلف حتى صعب على اللسان جدا نطقه 00دي مشكلتي مع المدونين والغريب ان لا احد يلاحظ !!0heba
آسفة جدا من حمقتي نسيت أقولك إن كلامك مسني قوي قوي heba
This comment has been removed by a blog administrator.
يا ست هبة ، أولاً كويس إن الكلام عجبك..
ثانياً :بعد مراجعة نحوية مع صديق إخترت العنوان ، على حسب معرفتى بالعربية و ليصححنى أحد المختصون ، الجملة هنا فعلية و "وجهاً" تعرب بدل( لمفعول به) و زى ما إنت عارفة البدل ده هيبقى منصوب ، فنظراً لأنها مش مبتدأ فمبتبقاش "مرفوووع" زى ما إنت بتقولى ، للأسف أنا مش فى مصر فكتب النحو بتاعتى مش معايا لكن أوعدك لما أرجع هاراجع و لو طلعت غلط هاصلحها ، و لو إن فيه حاجة مهمة إسمها الحس اللغوى و حسى اللغوى بيقول إنها صح
يمكن قصدك انه تمييز مثلا زي مثلا قوله سبحانه فالله خيرلٌ حافظاً وهو أرحم الرحمين) صدق الله العظيم لكن برضو مش حاسة انها كده أصل أنا برضو شغاله بحسي اللغوي 00لأني باحتفل اليومين دول بمرور عشرين سنه على حصولي على الثانوية العامة 00وما تزعلش مفروض تفرح ان الناس عرفت مدونتك وتفاعلت معاها00heba
انا آسفة جدا على الخطأ المطبعي فالآية القرآنية 00 ما اعرفش الام اللي جات بعد خيرٌ 00عفواheba
العزيزة هبة : أنا مش زعلان خالص بالعكس أشكرك على إهتمامك ، و زى ما قلتلك أنا إحترت فى العنوان الأول علشان كده بجد أول ما أرجع هاراجع و لو غلط هاصصحها ، و عموماً لو ليكى أى ملاحظات أخرى يسعدنى إنك تقوليهالى
ملحوظة : عقبال ما تحتفلى بمرور 100 سنة...تحياتى
متشكره قوي 00heba
Post a Comment
<< Home