..أخاف عليكى يا مصر
"و عادة نساء هذه البلاد كشف الوجه و الرأس و النحر و ما تحته و القفا و ما تحته و اليدين إلى قرب المنكبين"
و حيث أن كثيراً ما يقع السؤال من جميع الناس عن حالة النساء عند الأفرنج كشفنا عن حالهن الغطاء . و ملخص ذلك أيضاً أن وقوع
اللخبطة بالنسبة لعفة النساء لا يأتى من كشفهن أو سترهن ، بل منشأ ذلك التربية الجيدة و الخسيسة" ء
.
هكذا كتب الشيخ الأزهرى تلميذ الشيخ الجليل حسن العطار ، و أبو الفكر المصرى الحديث و مؤسس نهضة مصر الثقافية العظيم رفاعة الطهطاوى منذ ما يقرب من مائة و ثمانين عاماً ، هكذا فهم شيخ جليل ، شيخ من الشيوخ الكبار .. الكبار علماً و دوراً و مقاماً ووزناً و تأثيراً ، و هكذا علم ، و هكذا تعلمت منه أجيال صنعت مشاريع نهضة حقيقية لهذه الأمة ، هكذا كتب عن الجيد و الخسيس و يالبلاغة تعبيره ، فما نراه الآن لا يوصف إلا بالخسة ، متاجرة و مزايدة على كل ما هو مظهرى ، طقوسى إستعراضى ، أمة عظيمة تحتضر ، تعجز و يعجز شعبها بكل تراثه الحضارى عن تحديد أولوياته ، عن إستعادة ثوابته : تسامحه ووسطيته ، إنفتاحه و قدرته على قبول الإختلاف ، حبه للحياة و قدرته على تمييز ما هو جوهرى و يستبدل كل هذا بثقافة صحراوية لا تعرف إلا الغزو و الإعتداء و الكراهية و يصدق أن هذا دينى و سماوى ، يستبدل بثقافة - إن جاز و ساغ إستعمال الكلمة - تهتم فقط بكل ما هو شكلى و داخلها ملئ بالجهل ، بالخرافة ، بالفساد و القهر و العبودية ، ثقافة جعلتنا نتنفس أبشع رائحة مصاعدة من رجع حلوق الموتى الأحياء بتعبير صلاح عبد الصبور ، أمة تستبدل شيوخها الكبار : حسن العطار و الطهطاوى و محمد عبده و الأفغانى و المراغى و صولاً إلى عبد المتعال الصعيدى و محمود شلتوت بيوسف البدرى أو عبد الكافى أو الإخوان ، أمة كانت عظيمة صارت مثل الطين بقاع البئر لا يملك أن يتأمل صفحة وجهه بتعبير صلاح عبد الصبور أيضاً، أمة و شعب تهان كرامته كل يوم ، يموت أبناءه بالألاف فى قطارات و عبارات ، يسرق قوته كل يوم ، يحيا ممارساً الموت كل يوم ، و ممارساً ثقافة الموت الصحراوية كل يوم و لا يحرك ساكناً ، مجتمع يتحول بأكمله إلى مجتمع إرهابى لا يمكن لأحد فيه أن يقول رأياً يخالف ما يعلمه ألهة الموت الصحراويين لقطيع لم يعد يستعمل عقله ، مجتمع يعجز و يرفض أن يستعيد تراثه الملئ بالإجتهاد و التجديد و القامات و الهامات العالية و يركع أمام القيم التى فرضت بتواطؤ مع أموال النفط النجسة الملوثة بالخيانة و العمالة ، مجتمع ينتهك رجاله و نسائه و حتى أطفاله من نظام فاسد ، أضاع حاضرنا و يكاد يضيع مستقبلنا لأجيال يعلم الله عددها و لا يحرك ساكناً ، مجتمع يتم التحرش ببناته جماعياً فى وسط البلد و لا يحرك ساكناً ، مجتمع يقتله الفقر و الجهل و المرض و لا يحرك ساكناً
يا سادة مصر تحتضر ، ياسادة هذه الأمة العظيمة تموت و جميعنا سنحمل الوزر و العار ، سيأتى يوم تحاسبنا فيه أجيال و لن نستطيع أن ندافع عن أنفسنا ، جميعنا نشارك و لو حتى بالصمت العاجز ، فلنتكلم ، فلنقاوم فلنرفع أصواتنا ضد من يتاجرون بأقواتنا و أيضاً ضد من يتاجرون بفهم جاهلى للدين ، يتاجرون بخسة ، ليكسبوا لصالح أصحاب ثقافة الموت تلك
لم أفكر كثيراً فيما كتبت الآن ، كان مجرد تعبير عن غضبى من هيستريا جماعية تحدث الآن ، تعبير عن خوفى على وطنى و بلد طه حسين و لويس عوض و سلامه موسى ومصطفى مشرفة و نجيب محفوظ و محمود مختار و رشدى سعيد و إسماعيل صبرى عبدالله ، ربما أكتب لاحقاً أو لا أكتب فيبدو أننا كمن يحرث فى الماء
...............
دى الحكمة قتلتنى و حيتنى و خلتنى
أغوص فى قلب السر
قلب الكون
قبل الطوفان ما ييجى
خلتنى
أخاف عليكى يا مصر
و أحكيللك على المكنون
مين العاقل فينا .. مين مجنون ؟
مين اللى مدبوح م الألم ؟
مين اللى ظالم فينا .. مين مظلوم ؟