Site Meter

Tuesday, February 27, 2007

( عبد الكريم .. الأزهر و المواطنة و إهانة الرئيس ( 1 من 3

أشعر بإستفزاز شديد و غضب أشد ، أشعر برعب حقيقى على مستقبل أمة – كانت – عظيمة ، ردود أفعال شديدة الغرابة متسقة مع حالة من الفوضى الشاملة تجتاحنا ، كاتب و نائب فى مجلس الشعب يحسب على صفوف المعارضة خرج منذ أيام يتباكى على مجرم سفاح و مرتكب جرائم ضد الإنسانية و يصوره على إنه شهيد و بطل قومى و الآن يذبح شاباً كل جريمته أنه كتب كلمات – مهما كان الخلاف معها- على مدونته الخاصة على الإنترنت و لم يجبر أحداً على أن يقرأها ناهيك على أن يحولها إلى فعل من أى نوع ، و أخ يتحدث عن أخاه و يرى أن عقابه بالحبس لسنوات هى الأكثر ثراء فى عمره هو عقاب مخفف ، ردود فعل شديدة الحدة و القسوة فى آن من عوام و للأسف من بعض ممن ينتمون – نظرياً – للصفوة ، مجتمع يفقد قدرته على التسامح و قبول الإختلاف ناهيك عن الحوار و التفاعل . مجتمع يعجز أن يرى أعدائه الحقيقيين الذين يهدمونه من أساسه و يحولونه إلى حالة جحيمية مفزعة ليثأر فى منتهى العنف من فئاته الأضعف ، مجتمع بأكمله ينتقم من كل إحباطاته و إخفاقاته و تأخره ، من هشاشته و أعطابه البنائية ، من كل ما أصابه على مدى سنوات بفعل صفوة حاكمة – جرادية النزعة - أتت على الأخضر و اليابس ، ينتقم من كل هذا فى شخص عبد الكريم سليمان و يحمله – بشكل غير واع فى الأغلب- مسئولية كل هذا ، فهو يزدرى الإسلام و يسئ لسمعة الأزهر و هو أخطر من طالب الأزهر الأخر المتهم بالتجسس لصالح إسرائيل و أيضاً جزء من مؤامرة أمريكية / صهيونية كما قال كاتبنا الهمام سابق الذكر – لا فض فوه- فى حلقة السبت 24/2/2007 من برنامج العاشرة مساء و هو يهدم السلام الإجتماعى و يحرض على الفتنة و لا ننسى أنه يهين رئيس الجمهورية و ربما الجمهورية نفسها و ربما يزيد من ديون مصر أو هو سبب البطالة أو السحابة السوداء التى تخنقنا كل عام ، كل هذا هو عبد الكريم صاحب العشرين عاماً أو بالأحرى كلماته التى قرأها ما يقرب من واحد من عشرة فى المائة من سكان مصر . ياللهول

(1)

كتب الشيخ الأزهرى الجليل رفاعة الطهطاوى "رسول فجر نهضتنا " بتعبير الدكتور غالى شكرى فى كتابه " من الحق الإلهى إلى العقد الإجتماعى" ،أقول كتب شيخنا فى خاتمة الفصل الثانى من كتابه "مناهج الألباب"
"فإن الملوك إذا تعصبوا لدينهم و تداخلوا فى قضايا الأديان ، و أرادوا قلب عقائد رعاياهم المخالفين لهم ، فإنما يحملون رعاياهم على النفاق ، و يستعبدون من يُكرهونهم ، على تبديل عقيدته ، و ينزعون الحرية منه فلا يوافق الظاهر الباطن ، فمحض تعصب الإنسان لدينه لإضرار غيره لا يعد إلا مجرد حمية "
كان هذا مايعلمه الأزهر و الأزهريون منذ مايقارب قرنين من الزمان و الآن نحن نواجه مشهد هزلى و كارثى فى آن ، جامعة كانت منارة للفكر الوسطى المعتدل فى المنطقة بأكملها ، جامعة خرجت العديد من القامات العالية ترتضى لنفسها أن تلعب دور "المخبر" لتقدم بلاغاً للنيابة بحق أحد طلابها بما يمثل فكر المدرسة الجديدة – فرع أمن الدولة- عن الدعوة بالموعظة الحسنة ، جامعة تحمل طلابها على النفاق و تنزع الحرية منهم - بتعبيرات الطهطاوى – فيظهرون عكس ما يبطنون و إلا النيابة و بئس المصير ، جامعة بدلاً من أن تقابل الفكرة – حتى و إن إشتطت - بالفكرة و تهتم أن تنشر فكرها بالتى هى أحسن ، تقابل الأفكار ببلاغات للنيابة و حبس من يعبر عن رؤى مغايرة ، و الحال هكذا لا نستبعد – هزلاً- أن الأزهر بدلاً من أن يرد على أفكار محاضرة بابا الفاتيكان أن يطلب تقديمه لمحاكمة دولية .
مشهد يعيدنا للحديث عن حال المؤسسات الدينية فى مصر و أى أدوار تلعب فى المرحلة الأخيرة. و كأن مؤسساتنا الدينية العظيمة – تاريخياً- أصبحت تابعة لوزارة الداخلية و تحاول إستعادة الخبرة الأوربية فى محاكم التفتيش فى عصور أوروبا المظلمة . حالة كادت أن تكون مزمنة لتدخل المؤسسات الدينية بشكل يخرج كثيراً عن أدوارها المنوط بها أن تلعبها فى حياتنا .
هل يمكن أن تعود المؤسسات الدينية فى هذا البلد إلى مكانها الطبيعى : التحالف مع البشر و القيم الإنسانية العليا ، التحالف مع من تهان كرامتهم كل يوم و تسلب حريتهم كل يوم بدون وجه حق ، من يعانوا الأمرين ليحصلوا على أقل القليل ، من يعجزوا أن يعلموا أبنائهم أو يعالجوهم؟ ، أظن هؤلاء هم من يجب أن يتحالف معهم الأزهر أو الكنيسة و ليس النظام ووزارة الداخلية ، أليس هذا هو ما تدعو إليه الأديان : الحرية و العدالة و المساواة و الكرامة و الحياة الكريمة للجميع ؟ أم أن مناهج التربية الدينية الجديدة – تصميم وزارة الداخلية – لديها قيم أخرى تقوم مؤسساتنا الدينية بالدفاع عنها ؟ .
هل يمكن فى المستقبل القريب أن يتم فك هذا الإلتباس بين ما هو دينى و ما هو سياسى و إجتماعى و ثقافى ، أم سنظل ندور فى هذه الحلقة المفرغة ؟؟
أظن أن الدفاع عن البشر و حقوقهم و قولة الحق فى وجه سلطان جائر هو واجب إنسانى و دينى أهم كثيراً من ذبح عبد الكريم لأنه كتب كلمات لن تضرالإسلام ولا المسلمين .

Labels: