Site Meter

Saturday, April 09, 2005

...أنا و المتدينون

فكرت في كتابة هذة التدوينة منذ أيام حين تلقيت تعليقا هنا
إستفزني للغاية بل لقد أفسد علىَ بقية ذلك اليوم و لقد رددت علي صاحب التعليق محاولاً الحفاظ علي اداب الإختلاف . مازلت لا أستطيع أن أفهم هذا الإصرار علي تحويل كل تفاصيل حياتنا الي دين ، يشغل الدين فى حياتنا مساحة هائلة لا أظنه يشغلها فى أي ثقافة أخرى ، سيبدأ بعض من يقرأون الان في سن لسانهم و أقلامهم و لكن ليغضب من يغضب فلقد فاض الكيل.
أقول فكرت في كتابة هذة التدوينة منذ أيام و لم يكن هناك شئ عاجل فقررت تأجيلها تاركاً الفرصة للحوار الدائر هنا. ، و في خلال الأيام السابقة كتب إبن عبد العزيز عن الخرفان و كتبت واحدة مصرية عن الفوضى
ثم حدث حادث الأزهر فلم أستطيع ألا أكتب.
أفهم أن الدين- أي دين هو الذي يساعد الإنسان في علاقته بخالقه ، أفهم أن الدين يساعد البشر أن يكونوا بشراً حقيقيين ، أكثر حباً للأخر و للحياة ، أفهم أن الله خلق البشر مُحمِلاًً لهم رسالة صنع حياة جميلة ، أن ينتصروا للحق و العدل و الخير و الجمال ، أن يتمنوا الخير و الحياة و السعادة للأخر بغض النظر عن لونه و جنسه و عقيدته فقط لكونه إنسان ، و لكن السادة المتدينين الذين أتحدث عنهم يفعلون عكس كل هذا ، أرجو أن يُفهمنى أحد ما اللذى يدفع شخص أن يقتل نفسه و ينتزع الحياة أعظم هبات الله للبشر من أخرين لا يعرفهم و يظن أنه يخدم الله ، لا أفهم لماذا يحولون الحياة الي دين؟ لماذا يتعاملون مع الدين على إنه كل تفاصيل الحياة؟
إيها السادة المتدينون لقد أفسدتم حياتنا ، لقد بليتمونا بجهلكم منذ ذلك المد الوهابي في السبعينات اللعينة فى عهد الرئيس المؤمن! من أعطاكم الفرصة و إغتنمتوها ، أيها السادة لقد سئمتكم لحد فظيع ، سئمت كلماتكم ، أفكاركم حتى أشكالكم . أعرف سيخرج منكم من يتهمنى بالكفر و عداوة الدين و لكن لا يهم فهذه هي أخلاقكم .
الله يطلب من البشر أن يكونوا أحباء محبوبين و أنتم قولكم الوحيد إكره.. إكره.. إكره.. ، تظنون أنكم تمتلكون الله و لديكم الحق أن تتحدثوا بإسمه ، و تحكموا بإسمه و تقتلوا بإسمه و أظنه يتألم كل يوم مما تفعلون ، يراكم تفسدون الحياة التي خلقها لخير البشر و حياتهم ، تفسدون كل تفاصيلها ، تفقدونها كل متعة بريئة ، تنصبوا أنفسكم الهة لتحكموا علي ضمائر الأخرين ، تختزلون الحياة فى حجاب و لحى ، تمنعون البشر أن يفكروا ، يحلموا ، يبدعوا ، يحبوا ، ترهبون الأخرين و تصورون الله لهم علي أنه خلقهم ليتربص بهم و ينتظر لهم الأخطاء حتي يوقع بهم و يرسلهم إلى جهنم ، فهذه ماتت ليلة زفافها قبل أن ترتدي الحجاب – هذا ما يحكيه الداعية المودرن و الذي أراه شكل حديث لا يختلف في جوهره عن عمر عبد الرحمن وحتي بن لادن – و ليغضب من يغضب - ، تستخدمون الله لتبرروا رؤاكم البدوية الجاهلة لحياة تصورو نها على إنها سلسلة من المحرمات لتتحكموا فى الأخرين ، ترهبونهم بإسم الله .
كفاكم تخريباً و إفساداً لحياتنا ، ستبقى الحياة و تستمر و ستبقون في ذاكرة التاريخ كما بقى اسلافكم الأغبياء ذكرى للجهل و الشر
أعرف أنكم لن تفهمون، فما جدوي مخاطبة الخرفان؟
حقاً لقد سئمتكم

(الإصحاح الثالث)
قلتُ: فليكن الحبُ في الأرض، لكنه لم يكن!
قلتُ: فليذهب النهرُ في البحرُ، والبحر في السحبِ،
والسحب في الجدبِ، والجدبُ في الخصبِ،
ينبت خبزاً ليسندَ قلب الجياع، وعشباً لماشية الأرض
ظلا لمن يتغربُ في صحراء الشجنْ.
ورأيتُ ابن آدم - ينصب أسواره حول مزرعة
الله، يبتاع من حوله حرسا، ويبيع لإخوته الخبز والماء،
يحتلبُ البقراتِ العجاف لتعطى اللبن
* * *
قلتُ فليكن الحب في الأرض، لكنه لم يكن.
أصبح الحب ملكاً لمن يملكون الثمن!
.. .. .. .. ..
ورأى الربُّ ذلك غير حسنْ
* * *
قلت: فليكن العدلُ في الأرض؛ عين بعين وسن بسن
. قلت: هل يأكل الذئب ذئباً، أو الشاه شاة؟
ولا تضع السيف في عنق اثنين: طفل.. وشيخ مسن.
ورأيتُ ابن آدم يردى ابن آدم، يشعل في
المدن النارَ، يغرسُ خنجرهُ في بطون الحواملِ،
يلقى أصابع أطفاله علفا للخيول، يقص الشفاه
وروداً تزين مائدة النصر.. وهى تئن.
أصبح العدل موتاً، وميزانه البندقية، أبناؤهُ
صلبوا في الميادين، أو شنقوا في زوايا المدن.
قلت: فليكن العدل في الأرض.. لكنه لم يكن.
أصبح العدل ملكاً لمن جلسوا فوق عرش الجماجم بالطيلسان - الكفن
! … … …
ورأى الرب ذلك غير حسنْ!
* * *
قلت: فليكن العقل في الأرض..
تصغي إلى صوته المتزن.
قلت: هل يبتنى الطير أعشاشه في فم الأفعوان،
هل الدود يسكن في لهب النار، والبوم هل
يضع الكحل في هدب عينيه، هل يبذر الملح
من يرتجى القمح حين يدور الزمن؟
* * *
ورأيت ابن آدم وهو يجن، فيقتلع الشجر المتطاول،
يبصق في البئر يلقى على صفحة النهر بالزيت
، يسكن في البيت؛ ثم يخبئ في أسفل الباب
قنبلة الموت، يؤوى العقارب في دفء أضلاعه،
ويورث أبناءه دينه.. واسمه.. وقميص الفتن.
أصبح العقل مغترباً يتسول، يقذفه صبية
بالحجارة، يوقفه الجند عند الحدود، وتسحب
منه الحكومات جنسية الوطني.. وتدرجه في
قوائم من يكرهون الوطن
. قلت: فليكن العقل في الأرض، لكنه لم يكن.
سقط العقل في دورة النفي والسجن.. حتى يجن
… … … …
ورأى الرب ذلك غير حسن
!
(الإصحاح الرابع)

قلت فلتكن الريح في الأرض؛ تكنس هذا العفن
قلت: فلتكن الريح والدم… تقتلع الريح هسهسة
الورق الذابل المتشبث، يندلع الدم حتى
الجذور فيزهرها ويطهرها، ثم يصعد في
السوق.. والورق المتشابك. والثمر المتدلي؛
فيعصره العاصرون نبيذاً يزغرد في كل دن.
قلت: فليكن الدم نهراً من الشهد ينساب تحت فراديس عدن.
هذه الأرض حسناء، زينتها الفقراء لهم تتطيب،
يعطونها الحب، تعطيهم النسل والكبرياء.
قلت: لا يسكن الأغنياء بها. الأغنياء الذين
يصوغون من عرق الأجراء نقود زنا.. ولآلئ
تاج. وأقراط عاج.. ومسبحة للرياء.
إنني أول الفقراء الذين يعيشون مغتربين؛
يموتون محتسبين لدى العزاء.
قلت: فلتكن الأرض لى.. ولهم!
(وأنا بينهم)
حين أخلع عنى ثياب السماء.
فأنا أتقدس - في صرخة الجوع - فوق الفراش الخشن!
* * *
(الإصحاح الخامس)
حدقت في الصخر؛ وفى الينبوع
رأيت وجهي في سمات الجوع!
حدقت في جبيني المقلوب
رأيتني : الصليب والمصلوب
صرخت - كنت خارجاً من رحم الهناءة
صرخت؛ أطلب البراءة
كينونتي: مشنقتي
وحبلي السري: حبلها
المقطوع
!

أمل دنقل : من قصيدة" سفر التكوين"

8 Comments:

At 4/11/2005 6:17 AM, Blogger R said...

أنقل هُنا شطراً من تعليقعلى "فوضى التي أشرتَ إليها.


هذه الظاهرة (الأسلوب الحالي في الدعوة وأولويّات التديّن الحالية) معقّدة ولها عدّة أسباب محتاجة مدوّنة بحالها...
أعتقد القمع ليس أهم الأسباب..

انعدام الثقة في الأزهريين وعجزهم عن التفاهم مع الشباب.
السفر للخليج وازدهار تلك الدول ممّا جعلها تصدّر "حضارتها" بعد أن كُنّا نحنُ المصدرين.
الاحتياج الروحي الحقيقي لدى الشباب/ الاحتياج لتحقيق الذات/غياب أيّة أنشطة حقيقيّة غير رياضيّة تستوعب طاقتنا (طبعاً يستثنى التدوين اللي هيقضي علينا :)).
وكمان المنافسة الفضائيّة من قنوات وعّاظ التلفزة الأمريكيّة بتوع إن لم تتبرّع تستاهل ما يجرى لك.
وحاجات كثيرة تاني...
ـ

 
At 4/11/2005 6:20 AM, Blogger R said...

وطبعاً القصيدة رائعة فعلاً...

ما أردتُ أن أضعه أيضاً هو هذا بما في الرابط من تعليقـ(ات)ـ

 
At 4/15/2005 2:54 PM, Blogger Omar Mostafa said...

صديقي العزيز/ أرى أنك غاضب جداً، وأنك في أثناء نقدك اللاذع لما تسميهم بالمتدينين، تقع أنت أيضاً في نفس الخطأ الكبير الذي تهاجمهم بسببه، فأنت تضع الجميع في سلة واحدة، وتفترض أن كل من يطلق لحيته أو يتكلم في الدين، هو من تلك الفئة المزعجة التي تقول أنها أفسدت حياتنا، وأنا أتفق معك نسبياً، لكني أعترض هنا على القولبة وعلى إطلاق الأحكام على عواهنها، كما يفعل من تهاجمهم، فليس كل متدين رجعي بالضرورة، سواء كان داعية جديد أو قديم أو غيره، كما أن ليس كل من عاداهم من (غير المتدينين) أو سميهم ما شئت، ليسوا كلهم يملؤون حياتنا فضائل وجمال وحرية، فالخير والشر موجود في كل خلق الله، على اختلاف أديانهم وجنسياتهم وأوطانهم، والمصيبة هو في إطلاق الاتهامات ورجم الآخرين بأنهم هم السبب في ما نحن فيه إلخ
أكلمك هنا بصفتي إنسان مقصر في حق نفسه وفي حق ربه وفي حق الناس، وأستطيع أن أفهم يا عزيزي مدى غضبك وضيقك، لكن ثق تماماً أن مثلك ومثلي كثيرين، ولنصلح أنفسنا أولاً قبل تعليق أزماتنا على شماعة أحدهم، فنحن وللأسف نعيب زماننا والعيب فينا.. تحياتي

 
At 4/15/2005 10:08 PM, Blogger wa7ed mn masr said...

الصديق عمر:أتصور أن ما كتبته أبعد ما يكون عن التعميم ،لقد كتبت عن ذلك التدين المريض المبني علي جهل بالأديان و ضيق أفق ،بالقطع لا أقصد ملايين المصريين المصريين-الثانية صفة-اللذين مازالوا يحملون سماحة التدين المصرى -إسلاماًو مسيحية-هؤلاء اللذين يفهمون أن الدين هدفه حياة و خير البشر،نعم يا صديقى أصحاب التدين الخليجي يمثلون سبب رئيسي لهذا التشدد الذي يملأ حياتنا منذ السبعينيات اللذين يصادرون رواية أو يقاضون صناع فيلم،اللذين يصادرون علي الأخرين حريتهم ،من يتصورون أنفسهم مُلاك للحقائق المطلقة و كل من عاداهم مخطئ و ربما كافر،أوافقك أن هناك أيضاًمن يتصورون ملكيتهم للحقائق المطلقة من منطلقات ايدلوجية أخري و لكن هؤلاء لا يصنعون نفس الضوضاء و ليس لهم نفس التأثير علي العامة و لترى الرابط الذي وضعه رامي في تعليفه الثاني أو التعليق ألأخير علي

must be..

 
At 5/30/2005 11:28 AM, Blogger citizenragab said...

في كتاب شخصيه مصر نجد تحليل عبقري لجمال حمدان
يتحدث فيه بأن الشخصيه المصريه بتكوينها الفكري هي الشخصيه الوحيده التي فهمت الاسلام علي حقه وانها الشخصيه الوحيده التي تمارس الاسلام بصورته الصحيحه
طبعا الكلام ده قبل الرئيس المؤمن ولكني
متأكد ان انصار الفكر الوهابي كثيرين جدا
ولكنهم لن يؤثرو في سماحه هذا الشعب بأفكارهم المضلله طالما هناك من يفهم
افكارهم ويعريها من رداء الاسلام الذي ترتديه
حارب
ناضل
ستجد الكثير معك





قال رسول الله صلي الله عليه وسلم
اكثركم ايمانا
من بذل السلام

 
At 5/31/2005 8:45 AM, Anonymous Anonymous said...

مساكين الخليجيين
كل حاجة بتترمي عليهم حتى التشدد
يمكن يكون في نماذج كتير هناك
بس مفيش حاجة اسمها تصدير و استيراد الدين
لأن الدين مش مرتبط ببلد

 
At 6/07/2005 10:05 AM, Blogger wa7ed mn masr said...

citizenragb:
بالطبع الإسلام المصرى وأيضاً المسيحية المصرية مختلفان تماماً عن أى إسلام أو مسيحية أخرى و أوافقك أن الأغلبية المصرية- مسلمين و مسيحيين- مازالت محافظة على سماحة و تسامح فطريين


صاحبة/صاحب التعليق الأخير : حقيقة لا أعرف مصدر هذه الثقة التى تتحدث بها، عذراً لابد من قراءة كل ما كتب عماحدث فى مصر فى السبعينات
ثانياً : بماذا تسمى الأرساليات البروتساتنتية إلى مصر خلال القرن الماضى؟
بماذا يمكن أن نسمى ما حدث فى عصر الكشوف الجغرافية و الحملات الأوربية لإستكشاف العالم ، الحملات التى تكونت من " تاجر و مبشر و عسكرى"، ماذا يمكن أن يسمى هذا سوي تصدير للدين ؟
ثم من أخبرك أن الدين غير مرتبط ببلد، الدين و فهمه و معايشته مرتبط بثقافة و حضارة كل بلد ، فالإسلام المصرى يختلف بالقطع عن إسلام جنوب شرق أسيا
حقيقى مش عارف بتجيبوا الكلام ده منين؟

 
At 6/26/2005 2:58 PM, Anonymous Anonymous said...

(وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ )؟ و هل يتعظون من قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من أعان على خصومة بظلم أو يعين على ظلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع ) رواه ابن ماجة ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ) وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم ) ؟

مساكين هم المسئولون وأصحاب المناصب الذين قٌدِر لهم أن يحكموا الناس، فظلموهم و تعالوا عليهم، مساكين!

أن على المسئولين وأصحاب السلطة من الحكام والوزراء أن يتقوا الله فيمن تحت أيديهم وأن يخافوا الله في الضعفاء ومن ليس لهم حول ولا قوة إلا بالله وليتذكروا أن لهؤلاء أطفال وزوجات وأن يتقوا عاقبة الظلم ومصير كل ظالم متكبر وأن مآله إلى القبر وكذلك أعوان الظلمة وهم عيون للظلمة وأيديهم التي يبطشون بها وعقولهم التي يفكرون !!

قيل ليحيى البرمكي وهو في السجن يا أبت أبعد الأمر والنهي صرنا إلى هذه الحال، قال لعلها دعوة مظلوم سرت بليل غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها.

 

Post a Comment

<< Home