"...مأزق الأديان.. بين " التخلى عن..." و "التوحد بـ
أصبح "التغير" هو الثابت الوحيد في دنيا اليوم و أصبحت ملاحقة وفهم المتغيرات الحادثة علي كل المستويات سياسياً و إجتماعياً و ثقافياُ و إقتصادياً من الصعوبة بمكان علي الجميع أفراداً و مؤسسات ، و في ظل هذة التغيرات العنيفة تواجه الأديان التقليدية خاصة المسيحية و الأسلام مأزقاً حاداً يتمثل في عجزها – الأديان- أو عجز من يتحدثون بإسمها عن ملاحقة تلك المتغيرات و تكوين تصور جديد للحياة و لعلاقة الإنسان بالله والأخر و الكون ، تصورشامل تنتظم فيه المتغيرات الجديدة و الأهم أن يكون هذا التصور من الدينامكية بما يمكنه من إستيعاب التغير بشكل يومي و إنتاج فقه أو لاهوت متجدد يستطيع إجابة أسئلة جديدة في غاية الصعوبة .مازالت الأديان غير قادرة علي تقديم رؤي واضحة لقضايا فجرتها ثورة الهندسة الوراثية و الإستنساخ ، قضايا وجودية و حياتية : الإجهاض و الرحم البديل و إختيار نوع و صفات الجنين .... لا أقصد هنا بالطبع تلك الإجابات الساذجة: حلالاً و حراماً ، إذا ما فوجئنا غداً بأول كائن بشري مستنسخ فستصبح مفاهيم مثل الحياة و الخلق والجنس و الزواج في حاجة إلى إعادة فهم ، سيأخذ الحديث عن حقوق المرأة منحي جديد و ربما نضطر لبدء الحديث عن حقوق الرجل!!
لم تقدم الأديان حتى الأن أطر قيمية قادرة أن تقف فى وجه عولمة متوحشة تزيد الأغنياء غني و تزيد الفقراء فقرا ً ، عولمة تكرس قيم الإستغلال و الإستهلاك و تشيئ البشر. لم تقدم الأديان أطر قيمية تنادى بالعدالة و تستطيع أن تقف فى وجه الظلم ، بل المحزن أن من يتحدثون بإسم الأديان الأن ربما يكونوا مشاركين في تكريس الظلم.
و زاد السياسيون مأزق الأديان حدة ، في الغرب بعد أن كان هناك حرص – على الأقل نظرياً – على الفصل التام بين ما هو دينى و ما هو سياسى جاء نظام المحافظين الجدد الأمريكى ليُظهر بشكل فج ما هو دينى(بروتستانتي كالفني) و يقدمه على أنه مكون أساسى من مكونات المشروع الإمبراطوري الأمريكى و إن كان هذا الصعود اللافت للنظر قد بدأ مع الحملة الإنتخابية لرونالد ريجان 1980 على حسب سمير مرقس في كتابه " الإمبراطورية الأمريكية .. ثلاثية الثروة و الدين و القوة "- مكتبة الشروق الدولية 2003 . و في منطقتنا يتداخل ما هو دينى مع ما هو سياسى فى علاقة ملتبسة و كان هذا الإلتباس "سبباً فى حالة التخلف التى رانت على المنطقة العربية و أقعدتها عن اللحاق بالنهضة و الإمساك بروح العصر" على حسب سلامة أحمد سلامة في مقاله " عولمة الأديان : تجديد البابوية و إمامة المرأة "- (وجهات نظر) العدد 76 مايو 2005 .و دعونا نأخذ مصر كمثال لهذا التداخل بين ما هو دينى و ما هو سياسى فأزعم أنه من الصعوبة الشديدة أن نفهم بشكل واف ما هي علاقة النظام السياسى بما هو دينى – مؤسسات و تيارات دينية ، و الأخطر هو تداخل الدين مع الدستور فالمادة الخاصة بأن الشريعة الإسلامية "المصدر الرئيسى" للتشريع تعطى فرصة لوجود دستور داخل الدستور فكل الأمور يمكن الجدل حول إتفاقها أو عدم إتفاقها مع الشريعة و سيحمل كل طرف أدلة شرعية تؤيد موقفه و بالتالى يحمل الدستور بهذة المادة ما يمكن أن ينقض دستورية مواد أخري بنفس الدستور إستناداً الى هذة الأدلة الشرعية أو تلك ، هذا التداخل لما هو ديني مع ما هو سياسى أراه يزيد أبعاد المأزق .
كل ما سبق هو ما صنع مأزقاً حقيقياً لكل دين مع أتباعه فأصبحنا نرى "إنصرافاً تاماً" عن ما هو دينى من شرائح متنوعة خاصة أجيال شابة لديها قدرة على التفكير النقدى ، لم تجد هذة الأجيال الأديان قادرة على مواكبة زمنهم و التحديات التى يواجهونها يومياً، أو على النقيض نرى " توحداً مريضاً" بما هو دينى من شرائح أخرى ترفض بتخلف كل ما هو جديد أو مختلف.
أظننا بحاجة إلى إجتهادات دينية جديدة للخروج من المأزق الحالى الذى يبدو أنه سيتفاقم فى المستقبل القريب ،إجتهادات قادرة على تلبية ذلك الجزء الروحانى داخل البشر بدون تحويله إلى "تابو" ، إجتهادات تستطيع أن تقف في وجه الظلم و الإستغلال و تشيئ البشر، إجتهادات تبشر بإنسانية الإنسان فى زمن أوشكت هذة الإنسانية أن تضيع.
لم تقدم الأديان حتى الأن أطر قيمية قادرة أن تقف فى وجه عولمة متوحشة تزيد الأغنياء غني و تزيد الفقراء فقرا ً ، عولمة تكرس قيم الإستغلال و الإستهلاك و تشيئ البشر. لم تقدم الأديان أطر قيمية تنادى بالعدالة و تستطيع أن تقف فى وجه الظلم ، بل المحزن أن من يتحدثون بإسم الأديان الأن ربما يكونوا مشاركين في تكريس الظلم.
و زاد السياسيون مأزق الأديان حدة ، في الغرب بعد أن كان هناك حرص – على الأقل نظرياً – على الفصل التام بين ما هو دينى و ما هو سياسى جاء نظام المحافظين الجدد الأمريكى ليُظهر بشكل فج ما هو دينى(بروتستانتي كالفني) و يقدمه على أنه مكون أساسى من مكونات المشروع الإمبراطوري الأمريكى و إن كان هذا الصعود اللافت للنظر قد بدأ مع الحملة الإنتخابية لرونالد ريجان 1980 على حسب سمير مرقس في كتابه " الإمبراطورية الأمريكية .. ثلاثية الثروة و الدين و القوة "- مكتبة الشروق الدولية 2003 . و في منطقتنا يتداخل ما هو دينى مع ما هو سياسى فى علاقة ملتبسة و كان هذا الإلتباس "سبباً فى حالة التخلف التى رانت على المنطقة العربية و أقعدتها عن اللحاق بالنهضة و الإمساك بروح العصر" على حسب سلامة أحمد سلامة في مقاله " عولمة الأديان : تجديد البابوية و إمامة المرأة "- (وجهات نظر) العدد 76 مايو 2005 .و دعونا نأخذ مصر كمثال لهذا التداخل بين ما هو دينى و ما هو سياسى فأزعم أنه من الصعوبة الشديدة أن نفهم بشكل واف ما هي علاقة النظام السياسى بما هو دينى – مؤسسات و تيارات دينية ، و الأخطر هو تداخل الدين مع الدستور فالمادة الخاصة بأن الشريعة الإسلامية "المصدر الرئيسى" للتشريع تعطى فرصة لوجود دستور داخل الدستور فكل الأمور يمكن الجدل حول إتفاقها أو عدم إتفاقها مع الشريعة و سيحمل كل طرف أدلة شرعية تؤيد موقفه و بالتالى يحمل الدستور بهذة المادة ما يمكن أن ينقض دستورية مواد أخري بنفس الدستور إستناداً الى هذة الأدلة الشرعية أو تلك ، هذا التداخل لما هو ديني مع ما هو سياسى أراه يزيد أبعاد المأزق .
كل ما سبق هو ما صنع مأزقاً حقيقياً لكل دين مع أتباعه فأصبحنا نرى "إنصرافاً تاماً" عن ما هو دينى من شرائح متنوعة خاصة أجيال شابة لديها قدرة على التفكير النقدى ، لم تجد هذة الأجيال الأديان قادرة على مواكبة زمنهم و التحديات التى يواجهونها يومياً، أو على النقيض نرى " توحداً مريضاً" بما هو دينى من شرائح أخرى ترفض بتخلف كل ما هو جديد أو مختلف.
أظننا بحاجة إلى إجتهادات دينية جديدة للخروج من المأزق الحالى الذى يبدو أنه سيتفاقم فى المستقبل القريب ،إجتهادات قادرة على تلبية ذلك الجزء الروحانى داخل البشر بدون تحويله إلى "تابو" ، إجتهادات تستطيع أن تقف في وجه الظلم و الإستغلال و تشيئ البشر، إجتهادات تبشر بإنسانية الإنسان فى زمن أوشكت هذة الإنسانية أن تضيع.
2 Comments:
Dear Chaosgnosis:
as usual your comments are deep and debatable , so I don’t know from to start , I’ll not talk again about the points we agree about ( although some divergences in viewpoints)
I’ll go to the issue of Globalization, what I was talking about in the post was the role of religions to stand against the VALUES that the globalization presents and which directly affect the “Humanity of humans” , I mean here the moral values.
You say “bashing globalization has become a sport and a popular trend” that might be true, but also you know, for sure, that on the intellectuals level this trend is also in attendance , so talking about globalization in the same way like “END OF HISTORY” ,Francis Fukuyama /American “MISSION” is not endurable to me .
Globalization is the evolution of “Capitalism” started since the 15th century in Europe , I’m working already in a trans-national corporation so now I’m part of the game , we all use the modern technology which was developed to serve this process of evolution but that does not mean again I can accept the “VALUES” , for sure you know about that expected scenario of having a societies of wealthy one fifth and extremely poor 4/5
( “Globalization trap” , Hans- peter Martin ,Harald Schumann . Rowohlt Verlag GmbH, Germany 1996)
so dear friend
أنا ضد "الأنبهار التام" و أيضاً ضد "الرفض المتخلف"ه
One of my dreams is to be able one day to make a valuable contribution on how to make this phenomenon having a humanitarian face that I feel it is deficient in today
يقدم لكم اكبر مركز معادلة كلية الهندسة للدبلومات فريق متخصص من الاساتذة ذوي الخبرة الكبيرة في شرح جميع مواد معادلة كلية الهندسة جامعة القاهرة و ذلك حتى يتمكن طلابنا من الالتحاق بكلية الهندسة و تحقيق جميع شروط معادلة كلية الهندسة و الحصول على اعلى الدرجات في المعادلة
Post a Comment
<< Home