فكرت في كتابة هذة التدوينة منذ أيام حين تلقيت تعليقا
هنا إستفزني للغاية بل لقد أفسد علىَ بقية ذلك اليوم و لقد رددت علي صاحب التعليق محاولاً الحفاظ علي اداب الإختلاف . مازلت لا أستطيع أن أفهم هذا الإصرار علي تحويل كل تفاصيل حياتنا الي دين ، يشغل الدين فى حياتنا مساحة هائلة لا أظنه يشغلها فى أي ثقافة أخرى ، سيبدأ بعض من يقرأون الان في سن لسانهم و أقلامهم و لكن ليغضب من يغضب فلقد فاض الكيل.
أقول فكرت في كتابة هذة التدوينة منذ أيام و لم يكن هناك شئ عاجل فقررت تأجيلها تاركاً الفرصة للحوار الدائر
هنا. ، و في خلال الأيام السابقة كتب إبن عبد العزيز عن
الخرفان و كتبت واحدة مصرية عن
الفوضىثم حدث حادث الأزهر فلم أستطيع ألا أكتب.
أفهم أن الدين- أي دين هو الذي يساعد الإنسان في علاقته بخالقه ، أفهم أن الدين يساعد البشر أن يكونوا بشراً حقيقيين ، أكثر حباً للأخر و للحياة ، أفهم أن الله خلق البشر مُحمِلاًً لهم رسالة صنع حياة جميلة ، أن ينتصروا للحق و العدل و الخير و الجمال ، أن يتمنوا الخير و الحياة و السعادة للأخر بغض النظر عن لونه و جنسه و عقيدته فقط لكونه إنسان ، و لكن السادة المتدينين الذين أتحدث عنهم يفعلون عكس كل هذا ، أرجو أن يُفهمنى أحد ما اللذى يدفع شخص أن يقتل نفسه و ينتزع الحياة أعظم هبات الله للبشر من أخرين لا يعرفهم و يظن أنه يخدم الله ، لا أفهم لماذا يحولون الحياة الي دين؟ لماذا يتعاملون مع الدين على إنه كل تفاصيل الحياة؟
إيها السادة المتدينون لقد أفسدتم حياتنا ، لقد بليتمونا بجهلكم منذ ذلك المد الوهابي في السبعينات اللعينة فى عهد الرئيس المؤمن! من أعطاكم الفرصة و إغتنمتوها ، أيها السادة لقد سئمتكم لحد فظيع ، سئمت كلماتكم ، أفكاركم حتى أشكالكم . أعرف سيخرج منكم من يتهمنى بالكفر و عداوة الدين و لكن لا يهم فهذه هي أخلاقكم .
الله يطلب من البشر أن يكونوا أحباء محبوبين و أنتم قولكم الوحيد إكره.. إكره.. إكره.. ، تظنون أنكم تمتلكون الله و لديكم الحق أن تتحدثوا بإسمه ، و تحكموا بإسمه و تقتلوا بإسمه و أظنه يتألم كل يوم مما تفعلون ، يراكم تفسدون الحياة التي خلقها لخير البشر و حياتهم ، تفسدون كل تفاصيلها ، تفقدونها كل متعة بريئة ، تنصبوا أنفسكم الهة لتحكموا علي ضمائر الأخرين ، تختزلون الحياة فى حجاب و لحى ، تمنعون البشر أن يفكروا ، يحلموا ، يبدعوا ، يحبوا ، ترهبون الأخرين و تصورون الله لهم علي أنه خلقهم ليتربص بهم و ينتظر لهم الأخطاء حتي يوقع بهم و يرسلهم إلى جهنم ، فهذه ماتت ليلة زفافها قبل أن ترتدي الحجاب – هذا ما يحكيه الداعية المودرن و الذي أراه شكل حديث لا يختلف في جوهره عن عمر عبد الرحمن وحتي بن لادن – و ليغضب من يغضب - ، تستخدمون الله لتبرروا رؤاكم البدوية الجاهلة لحياة تصورو نها على إنها سلسلة من المحرمات لتتحكموا فى الأخرين ، ترهبونهم بإسم الله .
كفاكم تخريباً و إفساداً لحياتنا ، ستبقى الحياة و تستمر و ستبقون في ذاكرة التاريخ كما بقى اسلافكم الأغبياء ذكرى للجهل و الشر
أعرف أنكم لن تفهمون، فما جدوي مخاطبة الخرفان؟
حقاً لقد سئمتكم
(الإصحاح الثالث)
قلتُ: فليكن الحبُ في الأرض، لكنه لم يكن!
قلتُ: فليذهب النهرُ في البحرُ، والبحر في السحبِ،
والسحب في الجدبِ، والجدبُ في الخصبِ،
ينبت خبزاً ليسندَ قلب الجياع، وعشباً لماشية الأرض
ظلا لمن يتغربُ في صحراء الشجنْ.
ورأيتُ ابن آدم - ينصب أسواره حول مزرعة
الله، يبتاع من حوله حرسا، ويبيع لإخوته الخبز والماء،
يحتلبُ البقراتِ العجاف لتعطى اللبن
* * *
قلتُ فليكن الحب في الأرض، لكنه لم يكن.
أصبح الحب ملكاً لمن يملكون الثمن!
.. .. .. .. ..
ورأى الربُّ ذلك غير حسنْ
* * *
قلت: فليكن العدلُ في الأرض؛ عين بعين وسن بسن
. قلت: هل يأكل الذئب ذئباً، أو الشاه شاة؟
ولا تضع السيف في عنق اثنين: طفل.. وشيخ مسن.
ورأيتُ ابن آدم يردى ابن آدم، يشعل في
المدن النارَ، يغرسُ خنجرهُ في بطون الحواملِ،
يلقى أصابع أطفاله علفا للخيول، يقص الشفاه
وروداً تزين مائدة النصر.. وهى تئن.
أصبح العدل موتاً، وميزانه البندقية، أبناؤهُ
صلبوا في الميادين، أو شنقوا في زوايا المدن.
قلت: فليكن العدل في الأرض.. لكنه لم يكن.
أصبح العدل ملكاً لمن جلسوا فوق عرش الجماجم بالطيلسان - الكفن
! … … …
ورأى الرب ذلك غير حسنْ!
* * *
قلت: فليكن العقل في الأرض..
تصغي إلى صوته المتزن.
قلت: هل يبتنى الطير أعشاشه في فم الأفعوان،
هل الدود يسكن في لهب النار، والبوم هل
يضع الكحل في هدب عينيه، هل يبذر الملح
من يرتجى القمح حين يدور الزمن؟
* * *
ورأيت ابن آدم وهو يجن، فيقتلع الشجر المتطاول،
يبصق في البئر يلقى على صفحة النهر بالزيت
، يسكن في البيت؛ ثم يخبئ في أسفل الباب
قنبلة الموت، يؤوى العقارب في دفء أضلاعه،
ويورث أبناءه دينه.. واسمه.. وقميص الفتن.
أصبح العقل مغترباً يتسول، يقذفه صبية
بالحجارة، يوقفه الجند عند الحدود، وتسحب
منه الحكومات جنسية الوطني.. وتدرجه في
قوائم من يكرهون الوطن
. قلت: فليكن العقل في الأرض، لكنه لم يكن.
سقط العقل في دورة النفي والسجن.. حتى يجن
… … … …
ورأى الرب ذلك غير حسن
!
(الإصحاح الرابع)
قلت فلتكن الريح في الأرض؛ تكنس هذا العفن
قلت: فلتكن الريح والدم… تقتلع الريح هسهسة
الورق الذابل المتشبث، يندلع الدم حتى
الجذور فيزهرها ويطهرها، ثم يصعد في
السوق.. والورق المتشابك. والثمر المتدلي؛
فيعصره العاصرون نبيذاً يزغرد في كل دن.
قلت: فليكن الدم نهراً من الشهد ينساب تحت فراديس عدن.
هذه الأرض حسناء، زينتها الفقراء لهم تتطيب،
يعطونها الحب، تعطيهم النسل والكبرياء.
قلت: لا يسكن الأغنياء بها. الأغنياء الذين
يصوغون من عرق الأجراء نقود زنا.. ولآلئ
تاج. وأقراط عاج.. ومسبحة للرياء.
إنني أول الفقراء الذين يعيشون مغتربين؛
يموتون محتسبين لدى العزاء.
قلت: فلتكن الأرض لى.. ولهم!
(وأنا بينهم)
حين أخلع عنى ثياب السماء.
فأنا أتقدس - في صرخة الجوع - فوق الفراش الخشن!
* * *
(الإصحاح الخامس)
حدقت في الصخر؛ وفى الينبوع
رأيت وجهي في سمات الجوع!
حدقت في جبيني المقلوب
رأيتني : الصليب والمصلوب
صرخت - كنت خارجاً من رحم الهناءة
صرخت؛ أطلب البراءة
كينونتي: مشنقتي
وحبلي السري: حبلها
المقطوع
!
أمل دنقل : من قصيدة" سفر التكوين"